ابواب مقدمة العبادات‏الباب الحادی عشر: باب تحریم قصد الریاء و السمعة بالعبادةالحديث الأولایضاح المفردات و الجمل

صنع

الصنع فی اللغة :

1. اجادة الفعل  [1]

و المراد من الاجادة الاتقان و العمل بدقة . فلا یتوهم احد ان اخذ الاجادة فی معنی الصنع یلزم منه  وقوع التکرار فی قوله تعالی « و هم یحسبون انهم یحسنون صنعا » [2] . وجه التوهم ان کلا من قوله تعالی « یحسنون »  و « صنعا » مشتمل علی معنی الاجادة . و جوابه ان المراد بالاجادة المأخوذة فی معنی الصنع هو الاتقان و العمل بدقة و هو یحصل حتی ممن یأتی بعمل قبیح کسارق یسرق باجادة و اتقان و المراد من الاحسان فی قوله تعالی : « یحسنون » الاتیان بعمل حسن ممدوح عند العقلاء  فالاجادة غیر الاحسان فلا تکرار .

2. التربیة [3]

3. العمل  [4]

4. الفعل  [5]

الفرق بین العمل و الفعل و الصنع :

قال فی ریاض السالکین : فرق الراغب بين الثلاثة فقال: الفعل لفظ عام، يقال لما كان بإجادة و بدونها، و لما كان بعلم أو غير علم، و قصد أو غير قصد، و لما كان من الإنسان و الحيوان و الجماد.و أما العمل فإنه لا يقال إلا لما كان من الحيوان دون الجماد، و لما كان بقصد و علم دون ما لم يكن عن قصد و علم ... و أما الصنع‏ فإنه يكون من الإنسان دون سائر الحيوان، و لا يقال إلا لما كان بإجادة. و لهذا يقال للحاذق المجيد، و الحاذقة المجيدة. صنع‏ كبطل، و صناع كسلام، و الصنع‏ يكون بلا فكر لشرف فاعله. و الفعل‏ قد يكون بلا فكر لنقص فاعله، و العمل‏ لا يكون إلا بفكر لتوسط فاعله، فالصنع أخص المعاني الثلاثة، و الفعل‏ أعمها، و العمل‏ أوسطها، فكل صنع‏ عمل‏ و ليس كل عمل‏ صنعا، و كل عمل فعل‏ و ليس كل فعل‏ عملا [6] .

ثم انه یمکن ان یقال : ان مادة صنع لیس لها الا معنی واحد و هو المعنی الاول کما هو متبادر من موارد استعماله و یعادله فی الفارسیة کلمة « ساختن » و لکن قد یعبر عن هذا المعنی الواحد بتعابیر مختلفة کالتربیة او العمل او الفعل بمناسبة متعلقه فان متعلقه علی ثلاثة انحاء فقد یتعلق بما هو فعل من الافعال و یقال مثلا : صنع معروفا او قبیحا ای فعلا معروفا او فعلا قبیحا . و قد یتعلق بذات من ذوی الحیاة و یقال مثلا : صنع دابته او جاریته و منه قوله تعالی : « و لتصنع علی عینی »[7]. و قد یتعلق بذات من غیر ذوی الحیاة و یقال مثلا : صنع سلاحا  و منه قوله تعالی : « یصنع الفلک » [8].

فاذا کان متعلقه من  القسم الاول یفسَّر صَنَع بفَعَل کما قال فی الصحاح : صنع الیه معروفا و صنع الیه صنیعا قبیحا ای فعل . و اذا کان متعلقه من القسم الثانی : یفسر بمثل ربّاه و اذا کان من القسم الثالث یفسر بعمل .

الصنع فی الحدیث :

بناء علی ما ذکرنا من ان الصنع لیس له الا معنی واحد و لکن یعبّر عن ذلک المعنی الواحد بمناسبة متعلقه بتعابیر مختلفة یمکن ان یعبر عن کلمة « یصنع »  فی الحدیث  بکل من « یفعل» او « یربّی » بحسب متعلقه کما سیأتی توضیحه فی بیان معنی هذه الفقرة .


[1] مفردات الفاظ القران : الصنع اجادة الفعل فکل صنع فعل و لیس کل فعل صنع و لا ینسب الی الحیوانات والجمادات کما ینسب الیها الفعل . و نحوه فی معجم الفروق اللغویة . و لعل الیه یرجع ما فی ریاض السالکین، ج7، ص 373 : « و صنعت الشي‏ء صنعا من باب- منع- و الاسم الصنع بالضم أي فعلته فعلا محكما.قال الراغب: الصنع: إجادة الفعل فكل صنع فعل و ليس كل فعل صنعا. قال‏تعالى: صنع الله الذي أتقن كل شي‏ء .» فان اجادة الفعل لیس الا باحکامه والشاهد علیه  ذیل کلامه  فان ظاهره انه استشهد لمعناه بکلام الراغب .

[2] الکهف : 104

[3] تهذیب اللغة : و لتصنع علی عینی  معناه و لتربی بمرأی منی . یقال : صنع فلان جاریته اذا رباها و صنع فرسه : اذا قام بعلفه و تسمینه . و نظیره فی المعجم الوسیط .

[4] معجم مقاییس اللغة : صنع الصاد والنون و العین اصل صحیح واحد و هو عمل الشیئ .  القاموس المحیط و المعجم الوسیط : صنع الشیئ : عمله .  مجمع البحرین : و قوله تعالی : یحسبون انهم یحسنون صنعا ای عملا .

[5] الصحاح : صنع ، الصنع مصدر قولک :صنع الیه معروفا و صنع به صنیعا قبیحا ای فعل .

[6] ریاض السالکین، ج1، ص372 . نقله عن کتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة ( للراغب الاصفهانی ): ص 220.

[7] طه : 30

[8] هود 38